كتب جاسم العزاوي أن مصر تمثل لغزًا للعالم منذ أكثر من عقد، تبدو خارجيًا نموذجًا للاستقرار في عالم ما بعد الربيع العربي، لكنها تخفي واقعًا داخليًا من المعاناة الاقتصادية والمؤسسية المتراكمة. بعد الأمل الفوضوي للثورة، رحبت جماهير مرهقة ومخيفة بقبضة رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، فيما عزز النظام سلطته وأخفى مشاكل عميقة تشمل بطالة واسعة، دين عام غير مستدام، وفساد ينهش أسس الدولة.

أوضح التقرير أن معدل البطالة الرسمي البالغ 6.1% يخفي حقيقة مظلمة، إذ أن نحو اثنين من كل ثلاثة عاطلين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عامًا، ويشكل خريجو الجامعات أقل من نصف العاطلين، وفقًا لجهاز الإحصاء المركزي المصري. ويشير ذلك إلى مفارقة ديموجرافية: شباب متعلم بلا فرص عمل مناسبة.

اتجهت الدولة منذ 2011 إلى مشاريع ضخمة على الطراز العسكري، مثل العاصمة الجديدة والطرق السريعة الكبرى، على حساب استثمارات أكثر حكمة، وتمول هذه المشاريع غالبًا عبر قروض أجنبية ضخمة، إذ تجاوز الدين الخارجي 260 مليار دولار، منها أكثر من 52 مليار دولار للدول والمؤسسات متعددة الأطراف مثل صندوق النقد والبنك الدولي. وارتفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 94% في 2016، وتبلغ 84.5% حاليًا. يوفر هذا الاقتراض أمانًا وهميًا بينما يقيد مستقبل البلاد.

وتابع الكاتب في تهكم: "أسفرت استقرارية السلطة بعد الإطاحة بالإخوان المسلمين في 2013 عن استقرار سياسي غير مسبوق، رحب به المصريون المتعبون من الفوضى، لكن بتكلفة عالية".

ألغى النظام تدريجيًا الأنظمة الديمقراطية، وقمع المعارضة، وخضع المجتمع المدني لمراقبة مستمرة. وأصبح الاعتقال التعسفي والرقابة على الإعلام مألوفين، مما خلق فراغًا مؤسسيًا يصعب من خلاله قياس مزاج الشعب ومعالجة مشاكله قبل انفجارها. يعكس الهدوء السطحي خوفًا كامناً، إذ يكتنفه تهديد بالانفجار.

يشير التقرير إلى أن الفساد نظامي واستراتيجي، فمصر تحتل المرتبة 130 من أصل 180 دولة في مؤشر الشفافية الدولي، وسجلت 30 نقطة فقط من 100. تؤثر الأنشطة الاقتصادية التي يقودها الجيش على السوق، وتوزع العقود على لاعبين محددين عبر صفقات مفضلة واحتكارات للدولة. في مارس 2025 فقط، سجّل 62 حالة فساد، معظمها في الحكومة المحلية والمالية، ما يثقل الاقتصاد ويثبط الاستثمار والابتكار الضروريين لخلق فرص عمل وكسر دوامة الدين.

أضاف التقرير مفارقة أخرى تتمثل في تحويلات المصريين بالخارج، التي بلغت 23.7 مليار دولار بين يناير وأكتوبر 2024، بزيادة 45.3% عن العام السابق، وهي شريان حيوي، لكنها تعكس تردد المغتربين في الاستثمار أو العودة بسبب الفساد وضعف المؤسسات القانونية.
 

https://www.middleeastmonitor.com/20250906-egypts-silent-crisis-a-paradox-of-stability-and-tension/